نص جميل وسينوغرافيا سينمائية متحركة
في العرض الاول لمسرحية ” الكوميديا الإلهية ” للمخرج المسرحي حافظ خليفة
كان الجمهور مؤخرا على موعد مع العرض الاستثنائي لمسرحية ” الكوميديا الإلهية” للمخرج المتمرد حافظ خليفة عن نص للكاتب لسعد بن حسين ، هذا العمل قدم بدعم من وزارة الشؤون الثقافية وهو ثمرة شراكة مع المركز الثقافي الايطالي بتونس و المركز الثقافي و الاجتماعي التونسي بروما و المركز الجهوي للرقص باومبريا (ايطاليا) و جمعية قرطاج موزاييك بروما.
لئن اعتمد اغلب المبدعين في العالم على الملحمة الشعرية لدانتي لابراز الجانب الوجودي والعبثي في رحلة الى الجحيم للشاعر للوصول الى الفردوس عبر المطهر إلا ان المخرج حافظ خليفة كانت له زاوية نظر اخرى في هذا الطرح الوجودي اذا اعتمد نفس الرحلة ونفس التساول الوجودي بجمعه بمن سبقه في هذا الطرح بمئات من السنين ليكون
الشاعر العربي الكبير ابو العلاء المعري صاحب الاثر الخالد رسالة الغفران.
ومن هنا كانت المفارقة والمفاجئة .وتناسخ الأرواح والتقارب على مستوى الألم والعزلة والمنفى وخراب الوجوب وضياع الحب
فعلى امتداد ساعة تقريبا عاش الجمهور ملحمة مجنونة تتضمن رحلة أكثر جنونا بين ردهات وطرق جحيم الشرق والغرب وسيل الهالكين وناقلي الصخور والمبذرين والبخلاء والمقلوبين بأرجلهم الى فوق من الساسة ورجال الدين
فإلى جانب النص الجميل الذي حبك لغته وسرديته الكاتب الأستاذ لسعد بن حسين فقد قدّم المخرج حافظ خليفة عرضا مسرحيا ناجحا بجميع المقاييس الفنية والجمالية ابهر كل الحاضرين باعتماده على سينوغرافيا سينمائية متحركة وهو يطوف بين عذابات الجحيم وبين مختلف الشخصيات والرموز العالمية عبر التاريخ مثل عليسة والياس وسميراميس وعنتر ابن شداد وسقراط وقد جاء ايقاع العمل متسارعا بطريقة تحبس الانفاس وتخلق الفضول لمعرفة المحطة القادمة داخل الجحيم وما يعترضهما من عراقيل لتنتهي بانتصار الحب امام الكراهية و امام الشيطان ليتمكنوا في الأخير من الخروح من مرحلة الجحيم للوصول الى منطقة المطهر قبل الفردوس
اخيرا يمكن القوا ان العرض تضمن عدة عناصر متباينة شكلت نقاط قوة كانت السبب الرئيسي في نجاح هذا العمل وأهمها الإنارة ذات البناء المتدرج والموحي بالأحداث المتعاقبة والموسيقي ذات الإيقاع السريع والمميزة والكوريراغرافيا المسرحية ذات الصور المشهدية والتي قدمت أشبه باللوحات المجسدة للأحداث .
وفي الختام لا يمكن الا نتحدث عن الممثلين ونجاحهم في اداء ادوارهم بامتياز ولا يسعنا الا ان نقدم باقات من الورود الى طاقم هذا العمل على الاجتهاد والتفرد في زمن الرداءة .
شارك بالتمثيل في هذا العمل الضخم كل من بشير الغرياني، البشير الصالحي، عبد الرحمان محمود محمد توفيق الخلفاوي، جميلة كامارا، محرز الغالي، ،هادية عبيد، ادم الجبالي، كمال زهيو، هناء الوسلاتي، أحمد روين.
وفي تصميم كوريغرافي لوكا بروني وتصميم ملابس ماريو فراريو الموسيقى التصويرية لزياد الطرابلسي ويساعد في الاخراج ادم الجبالي، وفي الإنارة رمزي النبيلي والتوضيب العام عزالدين بشير وهندسة الفيديو والصورة وليد دبوني وإدارة الإنتاج لمفيدة المرواني